منذ بدء عمليّته البريّة في جنوبي لبنان في الأول من أكتوبر/تشرين أول الماضي، اعترف الجيش الإسرائيلي بمقتل 34 عسكريّا، موزعين على مجموعة من الألوية والوحدات القتالية. ويعمل في جنوب لبنان في الوقت الحالي قوّات تتبع لأربع فرق عسكريّة من بينها فرقة احتياط واحدة، وهذه الفرق هي: الفرقة 98، الفرقة 91، الفرقة 36، والفرقة 146 (احتياط)، علما أن طلائع الفرقة 98 كانت من أوائل القوات التي دخلت إلى لبنان، وتحديدا القوّات التابعة للواء "الكوماندوز" رقم 89 الذي يتألف من ثلاث وحدات خاصّة رئيسيّة. هنا بعض المعطيات والملاحظات.
- توزع قتلى الجيش الإسرائيلي في العملية البرية المستمرّة في جنوبي لبنان كالتالي: 19 قتيلا من ألوية المشاة، 8 قتلى من ألوية ووحدات القوّات الخاصة، 5 قتلى من ألوية المدرّعات، قتيل واحد من ألوية المظليين، وقتيل واحد من سلاح الهندسة العسكريّة. تكبّد لواء الاحتياط رقم 228 "لواء ألون" أعلى خسارة بواقع 8 قتلى، تلاه اللواء رقم 1 "لواء غولاني" بواقع 7 قتلى، يليهم اللواء رقم 89 "لواء الشجاعة" بواقع 5 قتلى، يليهم لواء المدرعات رقم 8 بواقع 5 قتلى، يليهم اللواء رقم 2 "لواء كرميئيلي" بواقع 4 قتلى، يليهم وحدة التدخل السريع رقم 5515 بواقع قتيلين، يليهم لواء المظليين رقم 35 بواقع قتيل واحد، وقوات الهندسة القتالية بواقع قتيل واحد، ووحدة الكلاب "عوكيتس" بواقع قتيل واحد.
- تكبّد اللواء رقم 1 "غولاني" سبعة قتلى حتى الآن في العمليّة البريّة، وهي ثاني أعلى حصيلة قتلى في الألوية التي شاركت في العمليّة البريّة. ومن اللافت أنّ كل قتلى لواء "غولاني" يتبعون لكتيبة الاستطلاع في اللواء. هذا الملمح تقليديّ للغاية في الحملات البرية الإسرائيلية، فبالنظر إلى أن لوائي "غولاني" و"جفعاتي" هما من ألوية النخبة في الجيش الإسرائيلي، فإنهما يقومان دوما بدور رأس السهم في هذه الحملات، وبسبب ذلك، فإنهم يتكبدون أعلى الخسائر في المراحل الأولى من الحرب، وتحديدا في كتائب الاستطلاع التي تقوم غالبا بمهام متقدمة، وهذا النمط رأيناه في بدايات الغزو البريّ لغزة، حيث تكبدت كتيبة الاستطلاع التابعة لـ "جفعاتي"، المعروفة باسم "ثعالب شمشون"، أعلى الخسائر في الحرب البريّة في القطاع.
- من الملاحظ ارتفاع عدد الضباط من إجمالي عدد القتلى منذ بدء العمليّة البريّة في جنوب لبنان. فقد بلغ عدد هؤلاء 12 ضابطا، أعلاهم برتبة رائد وأدناهم برتبة نقيب. وقد شكّل النقباء أغلبيّة القتلى من الضباط، حيث بلغ عددهم 8 قتلى. هذا العدد المرتفع من الضبّاط القتلى يعكس أولا جانبا من عقيدة الجيش التي ترفع شعار "Follow Me" (اتبعني)، كناية عن ضرورة أن تكون قيادة الضباط من الأمام لا من الخلف. وترى بعض الأدبيات الإسرائيلية أن هذه الممارسة جاءت من الضابط الإنجليزيّ أوردي وينغيت، الذي عمل في فلسطين خلال ثورة 1936 وترك بصمات قويّة في عقيدة الجيش الإسرائيلي القتالية وتحديدا لدى وحداته الخاصة. وثانيا، ربما يعكس هذا العدد المرتفع من الضباط القتلى طبيعة العملية البريّة التي ترتكز كما يبدو على الأعمال الخاصّة والموضعيّة التي غالبا ما يقودها هذا المستوى من الضباط الأصاغر (النقباء) والضبّاط القادة (الروّاد).
- من الملاحظ أن نسبة القتلى من جنود وضبّاط الاحتياط تمثل أكثر من نصف عدد القتلى الإجمالي. ومن اللافت هنا أن جنود وضباط الاحتياط غالبا ما يُقتلون جماعات لا فُرادى، وهذا ما رأيناه في الحملة البرية في لبنان، حيث قُتل خمسة منهم في حادث واحد يوم 26 أكتوبر، كما قُتل منهم خمسة آخرون في حادث واحد يوم 24 أكتوبر، بينما قُتل أربعة منهم في حادث واحد أيضا يوم 23 أكتوبر، وغالبا ما يُقتل جنود وضباط الاحتياط بعد فترة وجيزة من زجّهم في الميدان، أي أن الفاصل الزمني بين استدعائهم للمعركة ومقتلهم قد يكون قصيرا للغاية في بعض الأحيان. ويمكن تفسير هذه الظاهرة (التي رأيناها في غزّة بالتمام والكمال نفسه) بالأسباب المتعلقة بالضعف البنيوي لقوّات الاحتياط الإسرائيلية نظرا للإهمال وضعف التدريب والافتقار للمعدّات، كما يمكن تفسيرها أيضا بأسباب انخفاض اللياقة البدنية المرتبطة بالسن، حيث يبلغ متوسط أعمار القتلى من قوّات الاحتياط 36.6 عاما، بينما يبلغ متوسط أعمار القتلى من القوّات النظامية 22 عاما.
(Visited 158 times, 1 visits today)