مُلخص:
- تنتج إسرائيل الغاز الطبيعيّ من ثلاثة حقول تقع كلّها في البحر الأبيض المتوسّط، وهي: "تامار"، "ليفياثان"، و"كاريش". تبلغ احتياطيّات الغاز الطبيعيّ في هذه الحقول مجتمعة حوالى 35.6 تريليون قدم مكعب. تصل الطاقة الإنتاجيّة لهذه الحقول الثلاثة حوالى 3 مليار قدم مكعّب يوميّا.
- باشرت الشركات المُشغلة للحقول الثلاثة في السنتين الأخيرتين خططا لزيادة الإنتاج. فقد اُتخذ العام الماضي قرار استثماري بزيادة الإنتاج من حقل "ليفياثان" إلى 1.4 مليار قدم مكعّب يوميّا بحلول عام 2025، بينما اُتخذ مطلع هذا العام قرار بشأن زيادة الإنتاج من حقل "تامار" إلى 1.6 مليار قدم مكعّب يوميّا بحلول العام 2025 أيضا.
- تطمح الشركات المُشغّلة لحقلي "تامار" و"ليفياثان" لتصدير الغاز إلى الأسواق العالميّة وذلك من خلال إنشاء محطة عائمة لتسييل الغاز، لكن هذا الخيار مستبعد في المستقبل المنظور، وهو ما يعني أن غالبية الزيادات الإنتاجية القادمة من الحقلين ستذهب في غالبيتها للسوقين المصري والأردني.
الحقول المُنتجة للغاز الطبيعي في إسرائيل:
- حقل "ليفياثان": اُكتشف حقل "ليفياثان" في العام 2010، وقد اُعتبر أكبر اكتشافٍ للغاز الطبيعيّ تحقّق على مستوى العالم في ذلك العام. يقع "ليفياثان" على مسافة 130 كيلو مترا إلى الغرب من شواطيء مدينة حيفا، على عمقٍ يبلغ حوالى 1700 متر، وتبلغ مساحته الإجماليّة 330 كم متر مربّع. بدأت عمليّة تطوير المرحلة الأولى من الحقل، والمعروفة باسم "Leviathan A1"، في فبراير/شباط 2017، وذلك عبر نظام إنتاج تحت الماء (Subsea Production System) مُؤلفٍ من أربعة آبار إنتاجية. تتصل الآبار المُنتجة لـ "ليفياثان" بمنصّة قريبة من الشاطيء أمام منطقة دور جنوبيّ مدينة حيفا وذلك عبر خطّي أنابيب بطول 120 كم متر لكلّ واحدٍ منهما، حيث تجري معالجة الغاز الطبيعيّ المُنتج من الحقل في المنصّة قبل نقله إلى الشبكة الإسرائيليّة للأنابيب ومنها إلى محطّات الكهرباء الإسرائيليّة وإلى وجهات التصدير في مصر والأردن. تبلغ الاحتياطيّات التي يُمكن استخراجها من حقل "ليفياثان" حوالى 22 تريليون قدم مكعّب من الغاز الطبيعي، وقد بلغت التكلفة الرأسماليّة لأعمال تطوير المرحلة الأولى منه 3.75 مليار دولار. تبلغ الطاقة الإنتاجيّة للمرحلة الأولى من الحقل 12 مليار متر مكعّب سنويّا، أي حوالى 1.2 مليار قدم مكعب يوميّا. بدأ الحقل إنتاجه في كانون/أول ديسمبر عام 2019، ويعدّ اليوم أكبر الحقول المنتجة للغاز في إسرائيل حيث وصل إنتاجه عام 2023 إلى 1083 مليون قدم مكعب يوميا. في شهر يوليو/تمّوز 2023، اتخذت الشركات المشغلة والمالكة للحقل قرارا استثماريّا نهائيا بقيمة 568 مليون دولار لزيادة الطاقة الإنتاجيّة للحقل إلى 1.4 مليار قدم مكعب يوميّا بحلول العام 2025، وذلك من خلال إضافة مرافق جديدة للحقل من بينها أنبوب ثالث لنقل الغاز. يتطلّع الشركاء في الحقل إلى زيادة الطاقة الإنتاجيّة لـ "ليفياثان" إلى 2.1 مليار قدم مكعب يوميّا بنهاية العقد الحالي، وذلك في ظل تقديرهم لزيادة الطلب على الغاز في المنطقة في المستقبل المنظور وتحديدا من مصر. يطمح الشركاء في الحقل إلى تصدير الغاز من الحقل إلى الأسواق العالميّة، وذلك من خلال إنشاء محطّة عائمة لإسالة الغاز (Floating Liquefied Natural Gas)، لكنّ هذا الخيار يبدو مستبعدا في الوقت القريب بسبب التكاليف الكبيرة لمشروع من هذا النوع وللمخاطر الأمنيّة المحيطة به.
- حقل "تامار": اُكتشف حقل "تامار" في يناير/كانون ثاني عام 2009، وكان في حينها أول اكتشافٍ كبير للغاز الطبيعيّ يتحقّق في إسرائيل. يقع "تامار" على مسافة 90 كم إلى الغرب من شواطيء حيفا، على عمقٍ يبلغ حوالى 1700 متر، وتبلغ مساحته الإجماليّة 100 كم متر مربع. بدأت عملية تطوير الحقل عام 2011، وذلك عبر نظام إنتاج تحت الماء (Subsea Production System) مُؤلّفٍ من ستة آبارٍ إنتاجيّة. تتصل الآبار المُنتجة لـ "تامار" بمنصّة تبعد 24 كم من شواطيء مدينة عسقلان عبر خطّي أنابيب يمتدان بطول 150 كم متر، حيث تجري مُعالجة الغاز المُنتج من الحقل في المنصّة قبل نقله إلى محطّة الاستقبال في مدينة إسدود ثم إلى الشبكة الإسرائيليّة للأنابيب ومنها إلى محطّات الكهرباء ووجهات التصدير. تبلغ الاحتياطيّات التي يُمكن استخراجها من حقل "تامار" حوالى 10 تريليون قدمٍ مُكعّب من الغاز الطبيعيّ، وقد بلغت التكلفة الرأسماليّة لأعمال تطوير الحقل حوالى 3.25 مليار دولار. تبلغ الطاقة الإنتاجيّة لحقل "تامار" 12 مليار مترٍ مكعّب سنويّا، أي حوالى 1.2 مليار قدمٍ مكعب يوميّا. بدأ الحقل إنتاجه في آذار/مارس 2013. في فبراير/ شباط 2024، اتخذت الشركات المشغلة والمالكة للحقل قرارا استثماريّا نهائيا بقيمة 27 مليون دولار لزيادة الطاقة الإنتاجيّة للحقل إلى 1.6 مليار قدم مكعب يوميّا بحلول العام 2025، وذلك من خلال إضافة إنبوب ثالث من النظام الإنتاجي للحقل إلى محطّة المعالجة.
- حقل "كاريش": اُكتشف حقل "كاريش" في العام 2013 على يد شركة "نوبل إنيرجي" وشركائها. يقع "كاريش" على مسافة 25 كم متر شمال شرق حقل "تامار"، على عمقٍ يزيد على 1700 متر، وتبلغ مساحته الإجماليّة 25 كم متر مربّع. في العام 2016، اشترتْ شركة "إنيرجيان" اليونانيّة من الشركات الإسرائيليّة حقل "كاريش" وحقلا آخر أصغر اسمه "تانين" (التنّين) مقابل 148.5 مليون دولار. بدأت عمليّة تطوير الحقل في العام 2018، وذلك عبر نظام إنتاجٍ تحت الماء (Subsea Production System) مُؤلّفٍ من ثلاثة آبارٍ إنتاجيّة متّصلة بمحطّة عائمة للإنتاج والتخزين والتفريغ Floating Production Storage and Offloading Unit (FPSO). تتموضع محطّة الإنتاج العائمة إلى الجنوب من حقل "كاريش" وتتصل بخط أنابيب بطول 90 كم بمحطة استقبال الغاز في منطقة "دور" جنوبي مدينة حيفا. تبلغ الاحتياطيّات التي يُمكن استخراجها من حقل "كاريش" حوالى 1.4 تريليون قدم مكعّب من الغاز الطبيعي. وقد بلغتْ التكلفة الرأسماليّة لأعمال تطوير الحقل حوالى 1.7 مليار دولار. لحقل "كاريش" امتدادٌ شماليّ يحمل اسم "شمال كاريش"، وقد اُتخذ قرار استثمارٍ نهائيّ بشأن تطويره في كانون ثاني/يناير 2021، وقد بدأ الإنتاج في فبراير/شباط هذا العام عبر ربط بئر إنتاجي جديد بالمحطّة العائمة الخاصة بحقل "كاريش" الرئيسي. تُقدّر الاحتياطيّات القابلة للاستخراج من حقل "شمال كاريش" بحوالى 1.2 تريليون قدم مُكعّب من الغاز الطبيعي. بدأ الإنتاج من حقل "كاريش" في أكتوبر/تشرين أول عام 2022، وذلك بالتزامن مع توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحريّة بين إسرائيل ولبنان.
أهم اللاعبين في قطاع الغاز في إسرائيل:
- استقطب قطاع الغاز في إسرائيل خلال السنوات القليلة الماضية مجموعة من اللاعبين المهمّين في عالم الطاقة والاستثمار والعالميين. ويعكس دخول هؤلاء اللاعبين الجُدد إلى حوض شرق المتوسّط الأهميّة السياسيّة والتجاريّة الكامنة في قطاع الغاز الإسرائيليّ، خاصّة بعد توقيع اتفاقيات تصدير الغاز إلى الأردن ومصر.
- في عام 2020 استحوذت شركة "شيفرون" الأمريكيّة العملاقة على شركة "نوبل إنيرجي" التي كانت تمتلك حصصا في حقلي "تامار" و"ليفياثان" مقابل 13 مليار دولار. تُعد شركة "شيفرون" أكبر لاعب أمريكيّ يدخل إلى حوض شرق المتوسّط. فبالإضافة لحصصها في "تامار" و"ليفياثان"، تمتلك الشركة حصّة الثلث تقريبا في حقل "أفروديت" القبرصي الذي تبلغ احتياطياته حوالى 4 تريليون قدم مكعب من الغاز.
- في عام 2021، استحوذت شركة مبادلة الإماراتية للاستثمار على حصة تبلغ 22% في حقل "تمار" من شركة "ديليك" الإسرائيلية مقابل 1.1 مليار دولار. اُعتبر الاستحواذ في حينها أكبر صفقة تجاريّة تُعقد بين الشركات الإماراتية والإسرائيلية منذ توقيع اتفاق تطبيع العلاقات بين أبو ظبي وتل أبيب عام 2020. في عام 2022، باعت شركة مبادلة نصف حصتها في الحقل لرجل الأعمال الإسرائيلي آرون فرينكل.
- في عام 2023، قدّمت شركة أبو ظبي الوطنية للبترول "أدنوك" وشركة "بريتيش بتروليوم" عرضا غير ملزم لشراء حصّة مقدارها 50% في شركة "نيو ميد" الإسرائيلية التي تمتلك حصّة تبلغ 45.34% في حقل "ليفياثان" في إسرائيل وحصّة 30% في حقل "أفروديت" في المياه القبرصية. ورغم أن المفاوضات بين الطرفين لم تصل إلى نتيجة تُذكر، إلا أن الخطوة عكست الأهميّة المتزايدة لمنطقة شرق المتوسّط من منظور شركات الطاقة الكبرى.
اتفاقيات تصدير الغاز الطبيعي:
- في فبراير/شباط 2014، وقعت شركة "نوبل إنيرجي"، التي كانت تمتلك حصة في حقل "تامار"، اتفاقية لتصدير الغاز إلى شركة البوتاس العربيّة الأردنيّة. ونصّت الاتفاقيّة على قيام "نوبل إنيرجي" بتزويد شركة البوتاس الأردنيّة بـ 2 مليار متر مكعب من الغاز سنويا على مدار 15 عاما وذلك مقابل 771 مليون دولار. بدأ تصدير الغاز حقل "تامار" إلى مصانع شركة البوتاس بالقرب من البحر الميّت في مارس/آذار 2017.
- في سبتمبر/أيلول 2016، وقع الشركاء في حقل "ليفياثان" اتفاقية لتصدير الغاز الطبيعيّ إلى شركة الكهرباء الأردنيّة. ونصّت الاتفاقية على قيام الشركاء الإسرائيليين في الحقل بتزويد شركة الكهرباء الأردنيّة بما مجموعه 45 مليار قدم مكعّب من الغاز خلال 15 عاما مقابل 10 مليار دولار. بدأ ضخ الغاز من حقل "ليفياثان" إلى الشركة الأردنيّة في يناير/كانون ثاني عام 2020.
- في فبراير/ شباط 2018، وقع الشركاء في حقلي "تامار" وليفياثان" اتفاقية لتصدير الغاز الطبيعيّ إلى شركة "دولفونيوس" المصريّة القابضة. ونصّت الاتفاقية على قيام الشركاء الإسرائيليين في الحقلين بتزويد الشركة المصريّة بما مجموعه 64 مليار قدم مكعب من الغاز خلال 10 سنوات مقابل 15 ملياردولار. بدأ ضخ الغاز من إسرائيل إلى مصر في يناير/كانون ثاني عام 2020.
المخاطر الأمنية وتأثيرها على هيكل الطاقة في إسرائيل والمنطقة:
- في التاسع من أكتوبر/تشرين أول 2023، أمرت وزارة الطاقة الإسرائيليّة شركة "شيفرون" الأمريكيّة المُشغّلة لحقل "تامار" بوقف الإنتاج من الحقل تماما، وذلك خشية تعرضه لنيران الصواريخ من قطاع غزّة، خاصّة وأن منصّة "تامار" تقع على بعد حوالى 25 كيلو مترا شمالي سواحل القطاع. أدى إيقاف الإنتاج من الحقل إلى وقف العمل في خط أنابيب عسقلان – العريش الذي ينقل الغاز من إسرائيل إلى مصر، وقد وصل الأخيرة كميّات قليلة من الغاز عبر الخط البديل وهو خط الغاز العربيّ المار في الأردن طوال شهر أكتوبر/تشرين ثاني 2023. جرى إعادة تشغيل الإنتاج من حقل "تامار" في التاسع من نوفمبر/تشرين ثاني، ونتيجة لذلك عادت صادرات إسرائيل من الغاز لمصر لتزداد تدريجيّا منذ نهايات ذلك الشهر. أما إمدادات الغاز من إسرائيل إلى الأردن فلم تتضرّر إثر حرب غزّة نظرا لاعتمادها بشكل رئيسيّ على الإنتاج من حقل "ليفياثان" قُبالة سواحل حيفا، وبسبب عدم وجود أي مرافق أو أنابيب قريبة من قطاع غزّة.
- أدّت التوتّرات الأمنيّة على الجبهة اللبنانيّة إلى تأجيل شركة "إنيرجيان" المُشغّلة لحقل "كاريش" لمشروعها لتوسعة مرافق الإنتاج التابعة للحقل. ويعتمد الإنتاج في الحقل على سفينة تقوم بمعالجة الغاز الطبيعيّ والنفط الخفيف، وتقع هذه المنصّة العائمة على بعد 15 كيلومترا جنوبي خط الحدود البحريّة بين إسرائيل ولبنان، وقد سبق لحزب الله أن أرسل ثلاث مسيّرات استطلاعيّة لأجواء المحطّة العائمة لحقل "كاريش" في العام 2022. وكانت شركة "إنيرجيان" تنوي زيادة الطاقة الإنتاجيّة للمحطّة العائمة من 16000 برميل نفط يوميّا إلى 32000 برميل يوميّا عبر إضافة قطار إنتاجي جديد، لكن العمل في المشروع توقف لأسباب أمنيّة.
- أدى ارتفاع احتمالية نشوب حرب إقليميّة أوسع من حرب غزّة إلى إبطاء الخطط الإسرائيليّة لتحويل كلّ محطّات الكهرباء العاملة على الفحم للعمل على الغاز الطبيعي. وكانت إسرائيل قد تبنّت منذ سنوات مشروعا شاملا للاستغناء التدريجيّ عن محطّات التوليد التي تعمل بالفحم وصولا إلى مزيج طاقة يعتمد بنسبة 70% على الغاز الطبيعيّ و30% على الطاقات المتجددة (شمسيّة ورياح) بحلول العام القادم، إلا أنّ تاريخ إنجاز هذا التحوّل جرى تمديده حتى نهايات العام 2026 وذلك في ضوء التقييم الأمنيّ المُستجد، حيث ستكون إسرائيل بحاجة لمحطات التوليد العاملة بالفحم من أجل التعويض عن توقف بعض المحطات العاملة بالغاز بسبب احتمالية تعرّض منصات إنتاج الغاز في البحر المتوسّط للهجمات الصاروخيّة. تبلغ الطاقة القائمة لتوليد الكهرباء في إسرائيل 23 جيجاوات يأتي 12.3 جيجاوات منها من المحطات العاملة بالغاز، 5.9 جيجاوات من محطات الطاقة المتجددة، و4.84 جيجاوات من محطات التوليد العاملة بالفحم. في حالة الحرب، ستكون إسرائيل قادرة على تحويل كلّ المحطات التي تعمل بالغاز للعمل بالديزل، بافتراض عدم تعرّض هذه المحطات ذاتها للهجمات الصاروخية.
- يعتمد مزيج طاقة توليد الكهرباء في الأردن بنسبة 72% على الغاز الطبيعيّ المستورد من إسرائيل، بينما يعتمد مزيج توليد الطاقة في مصر على الغاز المستورد من إسرائيل بنسبة 26%. وفي بدايات حرب غزّة، أدى إيقاف الإنتاج من حقل "تامار" إلى وضع ضغوط على شبكة الكهرباء المصريّة بسبب توقف أنبوب عسقلان – العريش عن العمل لمدة شهر كامل. من المتوقّع في حال نشوب حرب إقليميّة أوسع وتأثر معدّلات إنتاج الغاز في إسرائيل نتيجة لها، أن تتعرّض الشبكات الكهربائية في مصر والأردن إلى ضغوطٍ كبيرة وذلك في ظلّ زيادة اعتماديّة البلدين في السنوات الأخيرة على الغاز القادم من إسرائيل. للحصول على تفاصيل أوفى عن العلاقة بين أمن الطاقة الإسرائيليّ وأمن الطاقة في مصر والأردن، يُمكن قراءة التحليل الذي كتبته هنا مؤخرا.
(Visited 343 times, 3 visits today)