عليّ الاعتراف بأنّ هذا العدد من النشرة قد يكون أقلّ الأعداد زخما ودسامة، كما قد يكون أقلّها حظّا بالتحضير أيضا. وقد حاولتُ خلال هذا الأسبوع أن أنتقي لكم كالعادة طائفة من القراءات التي قمتُ بها في الأيام التي أعقبت إصدار العدد التاسع، لكنّ الأوضاع في قطاع غزّة، والتي لا تزال تتفاقم حتى هذه اللحظة مع استمرار عمليّات القصف الإسرائيليّ، حرمتْ المرء من الوقت للقراءة بعيدا عن شريط الأخبار، كما شحنته بالكثير من مشاعر التوتر والقلق لا تترك المجال لكثير من التركيز.
بالرغم من ذلك، فقد تضمنت النشرة لهذا الأسبوع مجموعة متنوعة من المواد، منها مقالٌ مطوّل كتبته تتبعتُ فيه قصّة اكتشاف وتطوير حقل "سكاريا" للغاز الطبيعيّ في تركيا وضمنته تحليلا لهيكل الطاقة التركي واختلالاته، كما تضمنت النشرة أيضا مقالا عن صعود الخطاب الفاشي في روسيا وتدوينة عن أزمة الذخائر الروسيّة، بالإضافة إلى مجموعة من الحوارات من أحد الضبّاط السابقين في جهاز الاستخبارات العراقيّ، سلّط خلالها الضوء على الكثير من التفاصيل عن حروب الظل في الإقليم العربي والعالم. وعلاوة على ذلك، فقد احتوت النشرة على تقريرٍ مطوّل مميّز عن الآثار الصحيّة الخطيرة لزلزال تركيا الأخير وغيرها من الموضوعات الاقتصاديّة والثقافية.
هُنا قناة “تليغرام” الخاصة بالنشرة، وهُنا حسابي على موقع “تويتر”. الأعداد السابقة من النشرة: العدد الأول، العدد الثاني، العدد الثالث، العدد الرابع، العدد الخامس، العدد السادس، العدد السابع، العدد الثامن، العدد التاسع. هذه النشرة تقوم على جهدٍ ذاتي خالص، من الإعداد إلى التحرير وصولا للإخراج وإعداد وتجهيز الرسوم البيانيّة والأرقام المُرافقة لها. إذا أعجبتكم مادتها، فآمل منكم مشاركتها مع من تحبّون. قراءة ممتعة ومفيدة أتمناها لكم في عطلة نهاية الأسبوع.
ديسكليمر: ستضمّ النشرة تحليلاتٍ وتقارير موسّعة ومقالات، وهي لن تُركّز على قضايا وملفّات بعينها، ولن تنتظم تبعا لتصنيفاتٍ جامدة، فما أقدمه هو مجرّد دعوة لمرافقتي في القراءة الحرّة التي أقوم بها عبر الإنترنت كأيّ شخص آخر لا أكثر ولا أقل. لأسبابٍ يطول شرحها، ستكون غالبية مادة النشرة من مواقع أجنبيّة، وسأحرص بطبيعة الحال على أن تكون المواد العربيّة حاضرة دوما، وظنّي أن إمكانيّات “جوجل ترانسليت” أصبحت متقدّمة بما يكفي لمساعدة جميع القرّاء على الإحاطة بالمواد المنشورة بالإنجليزيّة. سيكون جزءٌ من مواد النشرة من مواقع أو صحف تتطلّب اشتراكات ماليّة، لكنني سأحرص على أن يكون هنالك موادٌ من مواقع مفتوحة، وسأكون سعيدا بمشاركة المواد التي تتطلّب اشتراكا مع من يرغب بها عند الطلب. يُسعدني استقبال مشاركاتكم/ن وأفكاركم/ن ومقترحاتكم/ن وهداياكم/ن وشتائمكم/ن ودعمكم/ن المالي والمعنوي وعروض التوظيف المُجزية على العنوان البريدي: [email protected]
سياسة إقليميّة ودوليّة:
- في موقع "حبر"، كتب صاحب هذه النشرة مقالا مطوّلا مُدعما بالرسوم البيانيّة بعنوان "حقل سكاريا التركي: السياسة في الغاز والغاز في السياسة"، روى فيه قصّة حقل "سكاريا" للغاز الطبيعيّ في البحر الأسود منذ اكتشافه في العام 2020 وحتى بدء الإنتاج منه الشهر الماضي، متطرقا إلى أهم المحطّات والعقبات التي رافقت تطويره في المياه العميقة والاعتبارات الفنيّة والتجاريّة والعوامل السياسيّة التي أثّرت في هذا السياق، بالإضافة لتحليله للدور الذي يُحتمل أن يلعبه الحقل في زيادة تحصين أمن الطاقة في بلاد الأناضول. المقال قدّم أيضا تحليلا وافيا لهيكل الطاقة التركي ولأهم ثغراته واختلالاته، أكان في تذبذب حصّة الطاقة الكهرومائيّة من مزيج مصادر توليد الكهرباء أو الاعتماد على الخارج بشكلٍ شبه كامل في تأمين موارد الغاز الطبيعيّ. وقد عرض المقال جانبا من الخطط التركيّة لتنويع مصادر الطاقة، إما عبر الاستثمار في الطاقات المتجددة أو في توسعة البنى التحتيّة مثل خزانات الغاز العملاقة ومحطّات استقبال الغاز المُسال. سلّط المقال الضوء أيضا على الدور الذي يلعبه الغاز الطبيعيّ في سياسات التنميّة الداخليّة وفي صراعات النفوذ السياسي داخل الحيّز العام التركيّ، وذلك بعد إبطاء عمليّة تحرير السوق المحلّي بعد سنّ قانون الغاز عام 2001 وإبقاء السيطرة الحكوميّة عليه. تناول المقال أيضا مساعي تركيّا لتحويل البلاد إلى محور لتجارة الغاز الطبيعيّ بين الشرق والغرب مُحلّلا العقبات التي تقف في وجه هذا المشروع والحساسيّات الجيوبوليتيكيّة المختلفة التي يُمكن أن تنجم عنه.
- في موقع "مركز الدراسات العربيّة الأوراسيّة، يكتب أحمد دهشان مقالا بعنوان "صعود الخطاب الفاشيّ في الداخل الروسيّ"، يُحلّل فيه ظاهرة صعود التيّارات القوميّة الشوفينيّة في روسيا خلال السنوات التي أعقبت انهيار الاتّحاد السوفييتي، وذلك بعد أن بدأت هذه التيارات باكتساب صوتٍ أعلى في ضوء الحرب الأوكرانيّة. يرى دهشان أنّ مفهوم القوميّة الروسيّة ظلّ على الدوام مفهوما ملتبسا غامضا وغير مُحدّد المعالم، مُشيرا إلى أن أغلب التيارات القوميّة تعتبر أن الروسيّ هو "السلافي الشرقيّ الذي يتحدّث الروسيّة، ويعتنق الأرثوذكسيّة". يتتبّع الكاتب بإيجاز رحلة الدولة الروسيّة منذ قيام أول شكلٍ لها عام 862 وحتى قيام الاتحاد السوفييتي بعد الثورة البلشفيّة عام 1917، والمحاولات المختلفة التي رافقت هذه الرحلة لصياغة أيدولوجيا تمثّل الأساس لهويّتها القوميّة وتوسعها الجغرافيّ. ويعتقد دهشان أن الحكم التتري- المغولي هو من ألهم السلاف الشرقيين بفكرة الإمبراطورية، التي تشكلت في صورتها الأولية بقيادة سلافية في ظل إيفان الرابع “الرهيب”، لأنّه أثبت لهم أن من الممكن قيام دولة مترامية الأطراف تحكم شعوبا متعددة الأديان والأعراق والقوميّات. ويرى الكاتب أنّ الاتحاد السوفييتي تعامل مع تفجر المسألة القومية بعد انهيار الإمبراطوريّة الروسيّة بشكل عملي ماكر، حيث أقر بوجود وحقوق جميع القوميات ومنحها جمهوريّات في إطار فيدراليّ في الشكل ومركزي في الجوهر، لكنّه عمّق في نفس الوقت من دور اللغة والثقافة الروسية ومركزيتها على حساب اللغات القومية الأخرى، حتى باتت كل شعوب تلك الجمهوريات تتقنها، وهو الأمر الذي فشلت فيه الإمبراطوريّة. يُحّلل الكاتب أسباب صعود الأصوات الفاشية في روسيا ومن بينها هيمنة نظريات المؤامرة على حركة التأريخ، والاحتفاء بالتيارات اليمينية المتطرفة في الغرب في أجهزة الإعلام، والتضخيم الدعائي لقوّة روسيا ولضعف الولايات المتحدة وأوروبا، بالإضافة للصدمة التي خلفها فشل حسم الحرب الأوكرانيّة سريعا. يستخلص دهشان أنّ الأيدولوجيا القوميّة سم قاتل لروسيا وأن البلاد بحاجة ماسة إلى مفهوم واضح ومحدد للمواطنة في ظل دولة تعدديّة بعد أن أُرجيء البحث هذا الملف الشائك لعقود.
- بعد ظهور رئيس مجموعة "فاغنر" الروسيّة في فيديو وهو يشتم المسئولين العسكريين الروس ويحملهم مسئوليّة نقص الذخائر في الجبهات، كتب بعض المراقبين للحرب الأوكرانيّة تدويناتٍ على موقع "تويتر" لشرح أسباب هذه الأزمة ولتحليل بنية الصناعة العسكريّة الروسيّة. وقد اخترت لكم هذه التدوينة التي كتبها كامل غاليف، وقد استهلها بالقول أنّ التعامل مع المشكلة (أي مشكلة نقص الذخائر على الجبهات) على أنّه خلل بيروقراطيّ يُعدّ تبسيطا للأمر، وأنّ هذه الإشكاليّة يجب فهمها في ضوء بنية وتاريخ القاعدة الصناعيّة العسكريّة غير المألوفة في روسيا. يقول غاليف أنّ إنتاج السلاح في روسيا انهار بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وأدّى ذلك بدوره لخسارة القاعدة الصناعيّة العسكريّة للمهندسين والمعدّات والمعرفة وتبخّر 300 تكنولوجيا مرتبطة بإنتاج السلاح. لكن غاليف، بالرغم من ذلك، يُشير إلى أنّ هذا الانهيار لم يكن متوازنا، بل استطاعت بعض المصانع أن تستمر في الإنتاج وفي التصدير، وعلى رأسها مصانع الطائرات ومحركاتها، بينما كان أداء مصانع القذائف سيئا للغاية نظرا للحجم الضخم من المخزونات من الحقبة السوفييتية ونظرا لغياب الحروب التي تستخدم فيها هذه الأسلحة. ويقول غاليف أنّ هذا الوضع استمر حتى بعد مجيء بوتين. ورغم أنّ هذا يبدو غريبا، إلا أنّه يبدو منطقيا من وجهة النظر التاريخية، إذ أن الروس كانوا على الدوام، والكلام لغاليف، يتوسعون في الاستثمار في أسلحة معينة بعد أن يبدأوا باستخدامها فعلا، ويضرب مثلا على القاذفات الاستراتيجيّة التي بدأت روسيا تستثمر في إنتاجها بشكل حقيقي بعد التدخّل في سوريا. يُشير الكاتب إلى أنّه في زمن بوتين جرى دمج الصناعات العسكريّة في أربع تكتّلات رئيسيّة، تتخصّص كلّ واحدة منها في نوعٍ معين من المنظومات، عدا مجموعة Rostec التي لا تملك تخصصا معينا بالنظر للصلة الوثيقة بين رئيسها التنفيذي وبوتين. ونظرا لأنّ الحصول على عقودٍ من الدولة أو عقود للتصدير كان من شأنه أن يسمح بازدهار هذه المجموعات وشبكات المصالح التي تقف وراءها، فإنّ أحد لم يكترث للاستحواذ على صناعة القذائف لأنّ الطلب عليها ظلّ محدودا في مقابل الأسلحة الأكثر تقدّما. يستخلص غاليف في النهاية أنّ استعادة الصناعة العسكريّة الروسيّة لعافيتها بعد بوتين كان غير متوازن، وهذا الأمر كان يعني ببساطة أن جودة القاعدة التصنيعيّة لن تكون متوازنة أيضا، وعندما خاضت روسيا حربا على غرار الحرب العالميّة الأولى، كما حدث في أوكرانيا، فقد كانت صناعة الذخائر متخلفة تماما عن اللحاق بالمتطلبات الكبيرة للمعركة.
- في "جريدة الشرق الأوسط"، حوار من عدّة حلقات بين غسان شربل رئيس تحرير الجريدة والضابط العراقيّ السابق سالم الجميلي، مدير شعبة أمريكا في الاستخبارات العراقيّة إبان الغزو الأمريكيّ للعراق عام 2003. يُقدّم اللقاء الأوّل إطلالة على بدايات احتضان العراق للنشاط السياسيّ للإمام الخميني ضدّ الشاه محمّد رضا بهلوي في الستينيّات انطلاقا من النجف الأشرف، ثم الصعوبات التي اكتنفت عمليّة احتوائه بعد توقيع اتفاق الجزائر مع إيران في العام 1975. يقول الجميلي أنّ جهاز الاستخبارات العراقيّ اقترح اغتيال الخميني واتّهام أبو القاسم الخوئي بالأمر من أجل إنهاء مشكلة عدم انصياع الخميني للتعليمات العراقية بالتهدئة مع نظام الشاه على إثر الاتفاق، إلا أنّ صدّام وبّخ الجهاز على هذا الاقتراح بدعوى مخالفته لأصول الضيافة. يتناول الجميلي بعد ذلك مرحلة الثورة الإسلاميّة، ويكشف كيف تعاونت المخابرات العراقيّة مع جماعة "مجاهدي خلق" و"الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني" لتوجيه ضرباتٍ موجعة مثل تفجير مجلس الشورى واغتيال رئيس الجمهوريّة محمّد رجائي في 1981 ومحاولة اغتيال علي خامنئي الذي أصيب في يده ومحاولة اغتيال الخميني نفسه من خلال زرع عبوّة ناسفة في وسادته في نفس العام. يكشف الجميلي خلال اللقاء عن الملابسات التي قادت لإعدام رجل الدين الشيعي محمد باقر الصدر عام 1980، وكيف أنّ صدّام حسين لم يستجب لتوصيات جهاز المخابرات بحماية الرجل ورعايته. في الحوار الثاني، يسلط الجميلي الضوء على الاتصالات التي جرت بين النظام العراقي وأسامة بن لادن برعاية حسن الترابي بالإضافة لتفاصيل عن اغتيال محمد مهدي الحكيم في الخرطوم وغيرها من حكايات الصراع الاستخباري مع إيران. في الحوار الثالث، يفتح الجميلي ملفّ الدعم العراقي للمعارضة الليبية في تشاد على إثر موقف معمّر القذافي بدعم إيران بصواريخ "سكود" خلال الحرب الإيرانيّة العراقيّة، كما يفتح ملف العلاقة المميزة بين صدّام والرئيس جاك شيراك ودعم حملات الأخير الانتخابية بحقائب الدولارات وملف العلاقة بين المخابرات العراقيّة وحزب الله. في الحوار الرابع، يُخرج الجميلي من جعبته أسرارا عن مشروع "الغافقي" لإنتاج المتفجرات والسموم في دائرة المخابرات، والذي قاده العالم المصري عبد المنعم محمود أحمد، وعن خطّة اغتيال الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب في الكويت عام 1993 بسيارة مُفخخة، وعن خطة المخابرات العراقيّة تعطيل الملاحة في قناة السويس أثناء حرب الخليج الثانية.
اقتصاد:
- في صحيفة "نيويورك تايمز"، تقرير موسّع عن انتشار السيارات الكهربائيّة في النرويج. يقول المقال أن 80% من السيّارات الحديثة التي بيعت في السوق النرويجيّ خلال العام الماضي كانت سيارات كهربائيّة، وأن مبيعات السيارات العاديّة ذات محرّك الاحتراق الداخلي ستتوقف في العام 2025. يقول التقرير أنّ الحكومة النرويجيّة بدأت بدعم السيارات الكهربائيّة في عقد التسعينيّات من خلال مجموعة من السياسات التي تضمنت الإعفاء من ضريبة الاستيراد ورسوم الطرقات ودعم شبكة واسعة من محطّات الشحن الكهربائي في طول وعرض البلاد. التقرير يشير إلى أنّ تعزيز استخدام السيارات الكهربائيّة هو جزءٌ من خطّة أوسع في العاصمة أوسلو بالتحديد لجعل كل الباصات التي تعمل في المدينة كهربائية وتصفير انبعاثات الكربون بحلول العام 2030. كما ينوّه التقرير إلى عمل الهيئات المختصة على تقليص الانبعاثات من مشروعات البناء التي تمثّل ربع الانبعاثات، وذلك من خلال برنامجٍ لتفضيل المقاولين الذين يستخدمون معدّات كهربيّة في المناقصات المطروحة من الهيئات الحكوميّة. يقول التقرير أنّ انتشار السيارات الكهربائيّة لم يؤثر على شبكة الكهرباء في البلاد رغم ارتفاع الطلب عليها، كما أنّه لم يخلق بطالة في قطاعات صيانة السيارات العاديّة، حيث بدأ العمّال المختصون في هذا المجال بتعلّم التعامل مع مشكلات السيارات الكهربائيّة أيضا. يُسلّط الضوء أيضا على الوظائف الجديدة التي خلقها انتشار هذا النوع من السيارات، وذلك عبر ظهور صناعة إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائيّة. ورغم أنّه ليس هناك الكثير مما يُمكن إعادة تدويره، كما يُشير التقرير، إلا أنّ الفكرة تبقى بحدّ ذاتها مهمّة مستقبلا، إذ قد يكون هنالك إمكانيّة لاستغلال المواد الفعالة في البطاريات المتهالكة في بطاريات جديدة وتقصير سلسلة الإمداد وتكاليف الإنتاج.
- في جريدة "الاقتصاديّة"، تقريرٌ مترجم من "فايننشال تايمز" بعنوان "هل تستطيع فولكسفاجن أن تحظى بالصين مرّة أخرى؟" يقول التقرير أنّه في العام 1978، إبان تبني الصين لسياسة الانفتاح الاقتصاديّ، سافر وفد صيني يرتدي سترات ماو الرسمية إلى فولفسبورج حاملا رسالة لشركة "فولكسفاجن" تقول: "الصين في ظل إدارة دينج شياو بينج منفتحة للعمل"، وبعد أن بنت الشركة الألمانيّة أكبر سوق للسيارات في العالم، فإنّها تقاتل اليوم من أجل مركزها في البلد الآسيويّ، بعد أن تفوقت شركة "بي واي دي" في المبيعات عليها مؤخرا محتلّة المركز الأوّل. يُشير التقرير إلى أنّ وضع "فولكسفاجن" عندما يتعلّق الأمر بالسيارات الكهربائيّة يبدو أكثر سوءا، حيث تستحوذ الشركة على حصّة سوقيّة لا تتجاوز 2 في المائة بينما تحظى شركة "بي واي دي" الصينيّة بحصّة 40 في المائة. ويرى التقرير أنّ هذه النسب تُشكّل خطرا على مكانة الشركة الألمانية، حيث أنّ ما لا يقل عن نصف أرباحها السنوية التي بلغت في العام الماضي 22 مليار يورو تأتي من السوق الصيني، وهو ما يعني أن موقعها في السباق على حصّة على سوق السيارات الكهربائيّة مهم لاستمرار هذه الأرباح. يقول التقرير أنه وبالرغم من التوترات الجيوسياسيّة المتصاعدة بين الغرب والصين، إلا أنّ الشركة مستمرّة في خططها في البلد الآسيوي حيث استثمرت في العام الماضي 4 مليار يورو، كما أنها تعتزم فتح مركزٍ للابتكار مختص في الرقائق الإلكترونيّة ضمن استراتيجيّة لتوطين الإنتاج في الصين لتلافي صدمات سلاسل التوريد والمخاطر السياسيّة. لكن هذه المهمّة، بحسب التقرير، لن تكون سهلة، وذلك لأنّ زيادة المنافسة من قِبل الشركات الصينيّة التي قدّمت نماذج جديدة من السيارات المتطوّرة غيّرت ذائقة وأنماط استهلاك المشترين الصينيين، وهو ما يعني أنّ شركات السيارات الغربيّة ستكون مضطرة لتعديل نماذجها لتكون ملائمة للسوق الصيني الذي بات المستهلكون فيه يرغبون بسيارات ذات تكنولوجيا أعلى، وأنّ "فولكسفاجن" بالذات تبدو متخلفة عن الركب، حيث تبدو مقارنة السيارات التي تنتجها والسيارات الكهربائيّة الصينيّة أشبه بمقارنة جهاز "أيفون" حديث بجهاز "نوكيا" قبل عشرة أعوام.
- في إطار ردود الفعل على كلمة جيك سوليفان، مستشار الأمن القوميّ الأمريكيّ، والتي سبق وأن غطيناها في العدد الماضي، يكتب أستاذ الاقتصاد في جامعة "هارفارد" داني رودريك مقالا بعنوان "سرديّة واشنطن الجديدة للاقتصاد العالمي". يقول الكاتب أنّ هناك في أمريكا اليوم أجندتان يتنافسان على تشكيل السياسات الاقتصاديّة المحليّة والدوليّة للولايات المتحدة. الأجندة الأولى تنظر إلى الداخل وتركّز على بناء اقتصادٍ أمريكيّ مزدهر وشموليّ ومستدام. أما الأجندة الثانية فتركّز على "الجيوبوليتيك" وعلى تحقيق التفوّق على الصين في كلّ المجالات. ويرى الكاتب أن مستقبل الاقتصاد العالميّ يعتمد على مخرجات هذا التنافس وعما إذا كان يُمكن لهذه الأولويات المتعارضة أن تتعايش معا. يقول رودريك أن الاستراتيجيّة التي حدّد معالمها جيك سوليفان في كلمته الأخيرة إزاء الاقتصاد العالميّ تمثّل نقلة فكريّة على صعيد ما اعتاد الديمقراطيّون على تبنيه تقليديّا. بالرغم من ذلك، فإنّ رودريك يعتقد أنّ تعليقات سوليفان بشأن التكنولوجيات الأمريكيّة المتطوّرة، وتعليقات وزيرة الخزانة جانيت يالين عن العلاقة الاقتصاديّة مع الصين، تُشيران إلى أنّ واشنطن تدرك مخاطر فرض قيودٍ على التجارة والاستثمار بدعاوى الأمن القوميّ، وأن سياسة أمريكا في المضمار التكنولوجيّ سوف تركّز فحسب على الهامش الضيّق للتقنيات الأكثر تقدّما وليس على حرمان الصين بالكامل من التكنولوجيا اللازمة للنمو الاقتصاديّ طويل الأمد.
ثقافة ومجتمع وفنون:
- في ملحق "السفير العربيّ، يكتب عماد الدين رائف مقالا مميّزا يتتبّع فيه جذور الأثر الروسي على الموسيقى اللبنانيّة وعلى أهم روّادها مثل الأخوين رحباني وزكي ناصيف وفيلمون وهبة، ويروي لنا حكاية الموسيقيين الروس الذين شكّلوا جالية فنيّة في بيروت، وكانوا العمود الرئيسي في تأسيس المعهد الوطني العالي للموسيقى وتطوير الأغنية المحليّة اللبنانية ونقلها إلى آفاقٍ أرحب وأغنى. كما يُسلّط الضوء على وثائق "الكونسرفتوار" الهامّة التي حملها هؤلاء الموسيقيون معهم إلى روسيا وظلّت في مكاتبها الوطنيّة حتى يومنا هذا.
- في موقع وكالة "رويترز"، تقرير مميّز مُدعّم بالغرافيك والصور الجويّة عن آثار كارثيّة أخرى طويلة الأمد للزلزال الذي ضرب جنوب شرق تركيا في فبراير/شباط الماضي، لا تتعلّق بانهيار المباني وفقدان الآلاف من الضحايا ونشوء أزمة نازحين فحسب، بل بالمواد السامة التي انبعثت من الركام مثل الأسبتسوس والسيليكا والزئبق، والتي تُهدد صحّة ما يُقارب من 3 إنسان في المناطق التي ضربها الزلزال.
- في موقع "الجمهوريّة"، تكتب سلمى صالح تقريرا موسّعا عن عاملات الجنس في سوريا، تدخل من خلاله إلى عالم أمل وحنان ويارا، النساء اللواتي دفعهن الفقر إلى عالم البغاء، مُقدّمة إطلالة على ما يعانينه يوميّا من قهر على يد السلطة والمجتمع.