بعد دقائق قليلة من إصدار العدد الأوّل من النشرة يوم الجمعة الماضي، أعلنت وكالات الأنباء عن خبرٍ كان له وقعٌ خاص في كلّ مكان: السعوديّة وإيران يتوصّلان برعاية صينيّة إلى اتفاقٍ لاستئناف العلاقات الدبلوماسيّة بينهما بعد انقطاعها عام 2016. لقد كان خبر عودة العلاقات بين الخصمين الإقليميين كافيا لوحده لجذب اهتمام الدوائر السياسيّة والإعلاميّة حول العالم، لكنّ توقيعه في العاصمة الصينيّة أضفى عليه بُعدا أكثر تأثيرا وإثارة، وهكذا فقد كان أمامنا ظاهرة لا تتكرّر كثيرا في عالم الصحافة: لقد تمخّض عن الخبر الأصلي خبرٌ مساوٍ له في الوزن أو يكاد يكون أكثر ثقلا منه.

خلال الأسبوع الماضي، كان عليّ التعامل مع سيلٍ من التحليلات والتقارير التي حاولتْ الإحاطة بالاتفاق بين الرياض وطهران ومُقاربته من الزوايا المُختلفة، وقد كانت تلك، بكلّ صراحة، مهمّة شاقة، جعلتْ من هذا العدد من النشرة أكثر طولا ودسامة مما خُطط له. على المستوى الشخصيّ، لا زلتُ مُقتنعا أننا بحاجة لبعض الوقت لنرى ما إذا كان الاتّفاق سيسير في الاتّجاه الذي رسمته أطرافه له، وما إذا كانت تفاصيل جديدة منه ستطفو إلى السطح قريبا، وأننّا بحاجة لوقتٍ أطول لنرى كيف ستتردّد تبعاته في المنطقة وتُؤثّر على ملفاتها الشائكة، ولنرى كيف سيكون شكل عمليّة إزالة آثار حالة العداء التي استحكمت بين البلدين لسنوات، هذا إن قُيّض لعملية من هذا النوع أن تتم فعلا.

وإضافة لذلك، فلا زلتُ مُقتنعا أيضا أنه قد يكون من الخطأ أخذ الاتفاق كذريعة للتوصّل بتسرّع لاستخلاصاتٍ حاسمة إزاء تحوّلات موازين القوى في المنطقة في ضوء رعاية الصين بالذات للاتفاق. ففي هذه النشرة، ستقرأون تغطية لعقد شركتي طيران سعوديتين (إحداهما شركة جديدة أُعلن عن تأسيسها قبل أيّام فقط) صفقة لشراء 78 طائرة من شركة "بوينغ" الأمريكيّة. وقد آثرتُ تغطية هذا الخبر، لا لقناعتي بأهميّته على المستوى الإقليميّ وفي سياق التحوّلات السعوديّة الداخليّة التي تجري على قدمٍ وساق لتحويل المملكة إلى وجهة سياحيّة عالميّة فحسب، بل لأُذكّر نفسي والقرّاء بجانبٍ واحدٍ من الجوانب المُتعدّدة للعلاقة العميقة التي تجمع الرياض بواشنطن وبالحجم الهائل للمصالح المشتركة بينهما. فالصفقة المذكورة هي خامس أكبر صفقة وقّعتها "بوينغ" في تاريخها، ومن المتوقّع أن تخلق، بحسب المسئولين في الإدارة الأمريكيّة، حوالى 150 ألف وظيفة مباشرة في القطاع الصناعي وحده في 44 ولاية.

لقد ارتأيتُ أن أُقدّم للقرّاء في هذه النشرة التحليلات المُتعلقة بالاتفاق السعوديّ الإيراني من زاوية الأطراف صاحبة العلاقة ومن زاوية مصالحهم في منطقة الخليج والعالم، خاصّة وأنّ كثيرا من الأفكار والآراء تكرّرت في سيل التحليلات التي أعقبت الإعلان عنه. وهكذا، فإنكم ستجدون هنا تحليلاتٍ من وجهة نظر الدوائر الأمريكيّة والصينيّة والسعوديّة والإيرانيّة والإسرائيليّة. وهذه التحليلات كافية برأيي المتواضع للإحاطة بالاتفاق ودوافع أطرافه وتبعاته المُحتملة وما قد يعنيه على المستوى الاستراتيجيّ في المنطقة، وستبقى لكم، بطبيعة الحال، حريّة استخلاص ما تشاؤونه في ضوء قراءاتكم الخاصّة لما جرى.

بخلاف ذلك، كان الأسبوع الماضي أسبوعا حافلا. ستقرأون في النشرة تغطية لانهيار بنك "سيليكون فالي" الذي أشاع حالة من الذعر في أسواق المال العالميّة من نيويورك لسنغافورة. كما ستقرأون تفصيلاتٍ عن البدء بتطبيق مُعاهدة "أوكوس" الموقّعة بين أمريكا وأستراليا وبريطانيا لردع الصين، وعن البنود التفصيليّة للموازنة الدفاعيّة التي طلبها "البنتاغون" للعام المالي الجديد وقائمة بالأسلحة والمنظومات التي طلب من شركات السلاح إنتاجها مُؤخّرا، وعن الاتّجاهات العالميّة لتجارة الأسلحة بالأرقام، هذا بالإضافة لتحليل شيّق عن ثورة الصين التقنيّة الخفيّة وغيرها من التحليلات المهمّة حول القضايا الدوليّة المختلفة. وقد حرصت في هذا العدد على تدعيم النشرة ببعض الرسوم البيانيّة الي تخدم توسيع زوايا النظر لبعض التغطيات الواردة فيها.

هذه النشرة تقوم على جهدٍ ذاتيّ وهي تتطلّب وقتا وجهدا في الإعداد والإنتاج، فإذا كنتم تشعرون بالفائدة التي تُقدّمها، فآمل منكم دعمها عبر نشرها ومشاركتها مع من تحبّون، إذ أنّ هذا الدعم هو ما سيُمكنني من تطوير محتواها باستمرار وتوفير عوامل الاستدامة لها. وقد نصحني بعض الأصدقاء بعد نشر العدد الأول بإنشاء قناة "تليجرام" لإرسال النشرة عبرها للأشخاص الذين لا يتواجدون بكثرة على مواقع التواصل، وقد أخذتُ برأيهم وقمت بإنشاء قناة للنشرة لتصل لكم حال صدورها كل أسبوع، ولمتابعتي على موقع "تويتر" حسابي من هُنا. قراءة ممتعة ومفيدة أتمنّاها لكم في عطلة نهاية الأسبوع.

ديسكليمر: ستضمّ النشرة تحليلاتٍ وتقارير موسّعة ومقالات، وهي لن تُركّز على قضايا وملفّات بعينها، ولن تنتظم تبعا لتصنيفاتٍ جامدة، فما أقدمه هو مجرّد دعوة لمرافقتي في القراءة الحرّة التي أقوم بها عبر الإنترنت كأيّ شخص آخر لا أكثر ولا أقل. لأسبابٍ يطول شرحها، ستكون غالبية مادة النشرة من مواقع أجنبيّة، وسأحرص بطبيعة الحال على أن تكون المواد العربيّة حاضرة دوما، وظنّي أن إمكانيّات “جوجل ترانسليت” أصبحت متقدّمة بما يكفي لمساعدة جميع القرّاء على الإحاطة بالمواد المنشورة بالإنجليزيّة. سيكون جزءٌ من مواد النشرة من مواقع أو صحف تتطلّب اشتراكات ماليّة، لكنني سأحرص على أن يكون هنالك موادٌ من مواقع مفتوحة، وسأكون سعيدا بمشاركة المواد التي تتطلّب اشتراكا مع من يرغب بها عند الطلب. يُسعدني استقبال مشاركاتكم/ن وأفكاركم/ن ومقترحاتكم/ن وهداياكم/ن وشتائمكم/ن ودعمكم/ن المالي والمعنوي وعروض التوظيف المُجزية على العنوان البريدي: [email protected]

سياسة إقليميّة ودوليّة:

  • في موقع مركز "الدراسات الاستراتيجيّة والدولية"، يُحاول جون ألترمان عبر أربع أسئلة وأجوبة مركّزة، الإحاطة بالأسباب الكامنة وراء الاتّفاق السعوديّ الإيرانيّ ولماذا كانت الصين هي الراعية للاتفاق. الاستخلاص الرئيسي من تحليل ألترمان هو أنّ الولايات المتحدة لديها منظورين إزاء هذا الاتفاق: إنها تريد من السعوديّة أن تتحمّل مزيدا من المسئولية عن حماية أمنها القوميّ، ولكنها في نفس الوقت لا ترغب برؤية المملكة وهي تعمل بحرية كاملة بطريقة تُضعف الاستراتيجيات الأمنية الأمريكية. ألترمان يرى أن حالة عدم الثقة والعداء بين السعوديّة وإيران مُستحكمة ولن يكون من السهل تبديدها، ولأن السعوديّة تدرك هذا الأمر جيدا، فإنها ستُبقي الباب مفتوحا للحصول على ضمانات أمنية أمريكيّة مقابل صفقة أكثر شمولا في المنطقة، ويستشهد بتسريب السعوديين لصحيفة "وول ستريت جورنال"، قبل يوم واحد فقط من إعلان الاتفاق في بكّين، اشتراطهم الحصول على تعهدات أمنية أمريكية، وتصريح لتطوير برنامج نووي مدني، مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل. للإستزادة والإطلاع بشكلٍ أوفى على ردود فعل الدوائر الأمريكيّة في فضاءات مراكز البحث، هُنا الخلاصات التي قدمها خبراء الشرق الأوسط في "المجلس الأطلنطي" حول الاتفاق.
  • في موقع "الدبلوماسي" المُتخصّص بقضايا السياسة والاقتصاد والأمن في منطقة المحيط الهاديء، تحليل عن السياق الأوسع للوساطة الصينيّة. يخلص التحليل إلى أنّ الصين ترى في السعوديّة وإيران محاور إقليميّة مهمّة على كل المستويات، ما يجعل منهما شريكين لا غنى عنهما لبكّين، وهو ما يرتّب عليها تبنّي استراتيجية للموازنة بينهما. فبالنسبة للبلدين، الصين هي الشريك التجاري الأكبر، مع أنّ حجم التجارة الصيني السعوديّ يتفوق على نظيره الصيني الإيراني، حيث بلغت قيمته 87 مليار دولار عام 2021، مدفوعا بالأساس بالاعتماد الصيني الكبير على النفط السعودي، حيث بلغت قيمة الواردات منه في ذلك العام 57 مليار دولار. يرى التحليل أنّ الوساطة الصينية لم تكن مجرّد رد فعل، بل انعكاس لتوجه صيني مُتصاعد للعب دور دبلوماسي أكبر على المستوى العالمي في ظل المنافسة المُستعرة مع واشنطن واندلاع الحرب الأوكرانية، وأن التدخلّ الصيني لجمع خصمين إقليمين سيدفع هذين الخصمين للالتزام بعمليّة تطبيع أكثر جديّة لا تترك مساحة للتهرّب أو التحايل. وفي موقع صحيفة "العربي الجديد"، تحليل آخر يتناول الدور الصيني في الاتفاق. وللاستزادة أكثر عن التوجهات الدبلوماسيّة الصينيّة المُزمعة، هُنا "ورقة مفاهيميّة" صادرة عن وزارة الخارجيّة الصينيّة بعنوان "مبادرة الأمن العالميّ" تحدّد الأسس التي تقوم عليها مبادرات الصين الدبلوماسيّة حول العالم.
  • عبد الرحمن الراشد، رئيس التحرير السابق لجريدة "الشرق الأوسط"، كتب مقالين بعنوان "«بكين» هل ينهي نزاع 40 عاماً؟". ركّز الراشد بشكلٍ خاص على المصالح الصينيّة في منطقة الخليج، والتي تتمثّل في حقيقة أنّ الصين تستورد ما يُقارب من نصف وارداتها البتروليّة من المنطقة، وهذا ما حدا بها للتدخّل في الوساطة بشكلٍ فاعل وليس كمجرّد مُسهّل للمباحثات بين السعوديّة وإيران. يرى الراشد أنّ اليمن ستكون الامتحان الأهم والأصعب، وأنه في حال تمكّن الطرفان من إحلال السلام هناك، فإنّ هذا الأمر سيخلق فرصة ثمينة لنسج نظام أمني إقليمي جديد يُسهم في إنهاء أزمات العراق ولبنان. تبقى النقطة اللافتة في تحليل الراشد هو استخلاصه، على العكس من الكثير من التحليلات، أن الاتفاق يُعدّ خبرا سعيدا لواشنطن، لأنه في حال نجاحه سيخفّف من أعباء الولايات المتحدة وسيحررها من مطالب دول الخليج الدائمة للحصول على ضمانات أمنية ضد الخطر الإيراني. المقال الأول من هُنا، والمقال الثاني من هُنا.
  • في موقع "المهد" تقرير حصري نقل عن مصادر مُطلعة البنود الأمنيّة السريّة التي تضمنها اتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسيّة بين السعوديّة وإيران، والتي لم يجر تضمينها في البيان المشترك الذي صدر بعد توقيع الاتفاق في بكّين. بحسب "المهد"، وافق البلدان على التزاماتٍ أمنيّة مشتركة تضمنت تعهد الرياض بعدم تمويل الحركات التي تصنفها طهران إرهابية مثل جماعة "مجاهدي خلق" والجماعات الانفصالية الكردية وعدم تمويل الوسائل الإعلامية التي تسعى لزعزعة الاستقرار في إيران كقناة "إيران إنترناشونال"، في مقابل تعهّد طهران بضمان عدم استهداف السعودية من قبل الفصائل العراقية الموالية لإيران. في المقابل، نقلت "وول ستريت جورنال" عن مسئولين أمريكيين وسعوديين قولهم أن طهران وافقت على وقف شحنات الأسلحة التي تزوّد بها جماعة "أنصار الله" في اليمن كجزء من اتفاق استئناف العلاقات مع الرياض.
  • في جريدة "الأخبار" اللبنانية رصد لردود الفعل في الدوائر الإعلاميّة الإيرانيّة إزاء اتّفاق بكّين. "الأخبار" أعدت ملفّا كاملا بعنوان "السعودية - إيران: حسابات ما بعد الاتفاق" لمناقشة الاتّفاق من زوايا إقليمية مُختلفة.
  • في صحيفة "هآرتس" الإسرائيليّة، يكتب آموس هارئيل مقالا بعنوان "إسرائيل عاجزة عن وقف الاتفاق السعوديّ الإيراني"، يستخلص فيه أن الاتفاق أثبت أن وعود نتنياهو المُتحمّسة لتطبيع علاقات بالسعوديّة ووقف البرنامج النووي الإيراني كانت بلا أي أساس، وأن فكرة وجود تحالف إسرائيلي سنّي لمجابهة إيران ليست أكثر من فانتازيا، وأن الاضطرابات المشتعلة في إسرائيل على خلفية "الانقلاب القضائي" تحول دون تنفيذ سياسة إسرائيليّة فعّالة إزاء الملفات الإقليميّة الشائكة. وللاستزادة، رصد أوسع للمواقف الإسرائيلية من الاتفاق في وكالة "الأناضول" التركيّة.
  • وزارة الدفاع الأمريكيّة (البنتاغون) طلبت تخصيص موازنة دفاعيّة بقيمة 842 مليار دولار خلال العام المالي 2024 الذي يبدأ في تشرين أوّل/أكتوبر الحالي، بزيادة مقدارها 26 مليار دولار عن العام المالي الماضي، و100 مليار دولار عن العام المالي الذي سبقه. وبحسب الطلب الذي تقدّمت به الوزارة، فإنّ ميزانيّة البحث والتطوير بلغت 145 مليار دولار، بينما بلغت ميزانية شراء الأسلحة والأنظمة الدفاعيّة 170 مليار دولار، وهذه الأخيرة تهدف بشكلٍ رئيسيّ لإنتاج الأسلحة اللازمة لردع الصين وتعويض النقص في مخازن الأسلحة نتيجة للحرب الأوكرانيّة. وتضمّن الطلب تخصيص 61.1 مليار دولار لسلاح الجو، 48.1 مليار دولار للقوّة البحرية، 13.9 مليار للقوّة البريّة، و37.7 مليار دولار لبرامج التحديث النووي التي تتضمّن برنامج تطوير قاذفات B-21 وإنتاج غواصة صواريخ بالستية ثانية من فئة "كاليفورنيا". للاستزادة، هُنا قائمة بالذخائر التي طلبت وزارة الدفاع من شركات السلاح تصنيعها مُؤخّرا، وللحصول على نظرة أكثر شموليّة على البنود التفصيلية لموازنة العام المالي الجديد، هُنا عرض من موقع "البنتاغون". وقد كتبت سابقا عن أزمة نضوب الذخائر في المخازن الأمريكيّة بفعل الحرب الأوكرانيّة هُنا.
  •  في موقع "الجزيرة" تقرير عن تفاصيل الاتفاق التاريخي لحصول أستراليا على غواصات تعمل بالطاقة النووية من أميركا وبريطانيا في إطار الاتفاقية الدفاعية والأمنية المعروفة باسم "أوكوس" (AUKUS) والتي وُقّعت بين البلدان الثلاثة في أيلول/سبتمبر 2021. وللاستزادة، نشرت مجلة "الإيكونوميست" تقريرا في نفس السياق بعنوان "ما هي معاهدة أوكوس؟". وفي سياق ليس ببعيد، أصدرت الحكومة البريطانية ما يُعرف بـ "المراجعة المتكاملة" للعام 2023، وهي بمثابة وثيقة تشكّل ناظما استراتيجيّا لسياسات مؤسسات الدولة البريطانية العسكريّة والأمنيّة والدبلوماسية في العالم، وأهم ما أقرّته الوثيقة هذا العام هو تأهيل هذه المؤسسات للتصدّي للنفوذ الصيني. الوثيقة كاملة من هُنا.
  • في "واشنطن بوست"، تقرير موسّع يتحدّث عن المشكلات التي يواجهها الجيش الأوكرانيّ بسبب الاستنزاف الكبير لقوّاته على مختلف الجبهات والنقص المتزايد في الذخائر وتحديدا قذائف المدفعية. يُقدّم التقرير إطلالة جيدة على حال القوّات الأوكرانيّة من خلال لقاء مع مقدّم أوكراني كان يقود كتيبة مُؤلّفة من 400 جندي، أصبحوا الآن في عداد الموتى أو الجرحى. بحسب التقرير، فإنّ قوام الجيش الأوكرانيّ أصبح الآن مختلفا تماما عما كان عليه عند بداية الحرب قبل عام، حيث أدّت الخسائر الجسيمة في الأرواح، وتحديدا في صفوف الضبّاط الصغار الذين درّبتهم أمريكا وفي صفوف الضبّاط القدامى، إلى تجنيد الآلاف من الجنود الذين يفتقرون بشدّة للخبرة والروح القتاليّة، الأمر الذي أدى لتراجع كفاءة القوّات وقدرتها على شنّ هجماتٍ ناجحة أو حتى الدفاع عن المواقع التي تتمرس فيها، ناهيك عن أنُه ألقى ظلالا قاتمة على قدرة الجيش الأوكرانيّ على شنّ هجومه المضاد الكبير الموعود على الجبهات الشرقية خلال الربيع.
  • في موقع "بلومبرغ"، تقرير موسّع مُدعّم بالخرائط عن تزايد الحضور العسكريّ الغربي والروسي في الدائرة القطبيّة الشماليّة، ومحاولة لتخيّل سيناريوهات المواجهة بين "الناتو" وروسيا في هذه الساحة شديدة البرودة والتعقيد. التهديد الأهم لبلدان "الناتو" في المنطقة، بحسب التقرير، يتمثّل في الغواصات الروسيّة التي يصعب رصدها، خاصّة وأن حوالى ثُلثي الغوّاصات الروسيّة العاملة بالطاقة النووية، بما فيها الغوّاصات النووية وغواصات الصواريخ البالستية، تعمل تحت قيادة الأسطول الروسيّ الشمالي. بحسب التقرير، تُضفي مشكلة التغيّر المناخي بُعدا جديدا على نزاع النفوذ في تلك المنطقة، إذ أنّ تسارع معدّلات ذوبان الثلوج تفتح المزيد من الطرق التجارية هناك، كما أنها تُغري القوى المختلفة بالبحث عن موارد الطاقة من نفط وغاز ومعادن، وهو ما يزيد احتمالات التوتّر العسكري هناك.
  • في موقع "حبر"، يكتب نور الدين العايدي تحليلا بعنوان "السياسة الخارجيّة للمعارضة التركيّة: نحو تركيا وسيطة غربيّة الهوى"، يُحاول خلاله تسليط الضوء على أهم مباديء السياسة الخارجيّة لتحالف المعارضة التركيّة، المعروف باسم "الطاولة السداسيّة"، والذي يتأهّب لمنافسة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المُزمع عقدها في أواسط مايو/أيّار المقبل. يرى العايدي أن أحزاب المعارضة تسعى لتصميم سياسة خارجيّة تقوم على المزج بين أفكار مؤسّس الجمهوريّة كمال أتاتورك والانفتاح على حقائق السياسة الدوليّة الراهنة بالارتكاز إلى موقع تركيّا بين الشرق والغرب للعب دور الوسيط الموثوق في النزاعات، وإعادة التقارب مع الاتّحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وصياغة مفهوم الأمن القومي التركيّ في إطار موقع البلاد في حلف "الناتو" مجدّدا. لكنّه يعتقد أنّ هذه المهمّة لن تكون سهلة في حال فوز "الطاولة السداسيّة" في الانتخابات لعوامل مختلفة، لعلّ أهمها أنّ المعارضة التركيّة لم تتفق سوى على إطار نظريّ في هذا الشأن، وحال وضع هذا الإطار قيد الاختبار الجدّي فإنه قد يتحوّل لحقل ألغام يُهدّد تحالفها نفسه.
  • "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام" أصدر تقريرا بعنوان "الاتجاهات الدوليّة لعمليّات نقل الأسلحة"، رصد فيه مبيعات الأسلحة على المستوى الدوليّ وأهم البائعين والمشترين خلال الأعوام الخمسة الماضية. بحسب التقرير أصبحت منطقة الشرق الأوسط أول منطقة استيراد للسلاح على مستوى العالم خلال عام 2022 بنسبة 32 في المائة من إجمالي تجارة الأسلحة. خلال الفترة بين 2018 – 2022، احتلّت السعوديّة وقطر المركز الثاني والثالث في قائمة أكبر المستوردين للأسلحة على مستوى العالم، حيث مثّلت وارداتهما 9.6 % و 6.4% من إجمالي واردات السلاح العالميّة على التوالي خلال الفترة المذكورة، بينما احتلّت الهند المركز الأول كأكبر مستورد للسلاح بنسبة 11% من إجمالي واردات السلاح العالميّة.
  • في إطار تزايد المناورات المشتركة بين الجيشين الأمريكي والإسرائيلي خلال الشهور الماضية، خبر من "تايمز أوف إسرائيل" عن مشاركة سلاح الجو الإسرائيلي في تمرين "العلم الأحمر" الذي يُنفذه سلاح الجو الأمريكي في نيفادا. التمرين الذي سيتسمر لأسبوعين ستشارك فيه سبع طائرات إسرائيلية من طراز F-35I بالإضافة لطائرتي تزوّد بالوقود من طراز Boeing 707. سيتضمّن التمرين تدريباتٍ على الطيران لمسافات طويلة ومحاكاة "ضربات استراتيجيّة" في عمق مناطق العدو وغارات على مناطق غير مألوفة مليئة بمنظومات الدفاع الجوّي. للاستزادة، تحليل من مايكل آيزنشتات، الزميل في "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، نشره في الشهر الماضي حول مناورة "جونيبر أوك" التي عقدها الجيشان الأمريكي والإسرائيلي في إسرائيل مطلع العام الحالي، والتي عُدّت أكبر مناورة مشتركة يُجريها الجيشان على الإطلاق.

اقتصاد:

    • في موقع "حبر" ترجمة لتقرير نشره موقع "ڤوكس" بعنوان "كيف انهار بنك سيليكون فالي؟"، يُحلّل عبر طرح مجموعة من الأسئلة، الأسباب الكامنة وراء انهيار بنك "سيليكون فالي" المُتخصص في التعامل مع الشركات الناشئة Start-Ups، وتحديدا الشركات التقنيّة منها. جريدة "الشرق الأوسط" نشرت أيضا مادة تحاول من خلال مجموعة من الأسئلة الإجابة عن أسباب انهيار البنك وعن العقابيل المحتملة لهذا الانهيار.
    • وعن أزمة بنك "سيليكون فالي" أيضا، مقال مُترجم للعربية لأستاذ الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا، الحائز على جائزة "نوبل"، جوزيف ستيجليتز، بعنوان " فشل مصرفي آخر كان متوقعا". يُحمّل ستيجليتز مسئوليّة انهيار البنك للإجراءات التنظيميّة المتساهلة إزاء عمل البنوك، وبشكل أكبر للسياسة النقديّة المتشدّدة التي تبناها بنك الاحتياطي الفيدرالي مؤخّرا عبر رفع أسعار الفائدة إلى مستوياتٍ هي الأكبر منذ سياسة التشديد النقديّ التي تبناها محافظ البنك الفيدرالي باول فولكر قبل أربعين عاما. ستيجليتز يرى أنّ التقنيّات البنكيّة الرقميّة واتّساع تأثير مواقع التواصل الاجتماعيّ لهما تأثير سلبيّ في هذا السياق، حيث أنهما عزّزا من مخاطر التهافت على البنوك لاسترداد الودائع. وللاستزادة، مقالٌ آخر في "نيويورك تايمز" للاقتصادي الأمريكي باول كروغمان بعنوان "بنك سيليكون فالي ليس ليمان"، يُشدّد خلاله على الاختلاف البيّن بين "سيليكون فالي" وبنك "ليمان" الذي كان إفلاسه عام 2008 صفّارة البداية لأزمة ماليّة عالميّة.
    • في موقع "الشرق بلومبرغ"، خبر عن إطلاق "صندوق الاستثمارات العامّة" السعودي، لناقل وطني جديد تحت اسم "طيران الرياض". الناقل الجديد يُخطّط لإطلاق رحلات تصل لأكثر من 100 وجهة حول العالم بحلول عام 2030، ونقل ما يصل إلى خمسة ملايين طن من البضائع سنوياً. ستعلن الشركة الجديدة عن أول وجهة وبيع أول تذكرة سفر خلال 18 شهراً، فيما ستنطلق أول رحلة لها عام 2025. اختار المسئولون السعوديون تعيين توني دوغلاس رئيسا تنفيذيا للناقل الجديد نظرا لخبرته الطويلة في المجال، إذ كان يشغل قبل تعيينه في "طيران الرياض"، منصب الرئيس التنفيذي لشركة طيران "الاتحاد" الإماراتيّة. هُنا مقابلة مع دوغلاس للحديث عن خطط الشركة الوليدة. وفي أعقاب الإعلان عن إطلاق "طيران الرياض"، أُعلن عن تعاقدها هي والخطوط الجوية السعودية مع شركة "بوينغ" لشراء 78 طائرة من طراز "دريملاينر" للمسافات الطويلة، مع احتمال شراء 43 طائرة إضافية لكليهما. بحسب موقع شركة "بوينغ" تُعدّ الصفقة خامس أكبر طلبيّة من حيث القيمة في تاريخ الشركة.
    • في موقع "مدى مصر"، تقرير مهم عن مباحثات يُجريها مسئولون مصريّون مع الحكومة القطريّة من أجل إنجاز صفقات لبيع أصول مملوكة للحكومة المصرية لصناديق الاستثمار القطريّة. بحسب التقرير، لدى القطريين اهتمام بالحصول على حصص في قطاعات التعدين، لكن تركيزهم الرئيسي مُنصبّ على الحصول على موطيء قدم في الموانيء المصريّة وفي شركات اللوجستيات بدرجة رئيسيّة، حيث يتفاوض جهاز قطر للاستثمار مع الحكومة المصريّة للحصول على عقد انتفاع مدته 25 عاما لإدارة ميناء سفاجا على البحر الأحمر وميناء آخر على البحر المتوسّط.
    • بعد طول انتظار، أعلنت شركة "أرامكو" نتائجها المالية للعام 2022، مُحقّقة طفرة في صافي أرباحها السنوية، حيث ازدادت هذه الأرباح بنسبة 46.5% مقارنة بعام 2021 لتصل إلى 161 مليار دولار، وهي أعلى أرباح تُحققها الشركة منذ بدأت نشر نتائجها الماليّة في أعقاب إدراج أسهمها في السوق المالي السعوديّ عام 2019. بإعلان "أرامكو" تكون كل شركات الطاقة الكبرى قد نشرت نتائجها المالية لعام 2022 والذي كان عاما استثنائيّا بكلّ المقاييس، حققت فيه هذه الشركات أعلى أرباحٍ لها في تاريخها. للاستزادة، تحليل نُشر في "حبر" الشهر الماضي عن الأسباب وراء تحقيق شركات الطاقة لأرباح ضخمة خلال 2022.
    • في العدد الأخير من مجلّة "الشئون الخارجيّة" الأمريكيّة، يكتب دان وانغ مقالا مهمّا ومميّزا بعنوان "ثورة الصين التقنيّة الخفيّة"، يُحلّل فيه العوامل التي تجعل من الصين عاملا مُهدّدا للولايات المتحدة في مجال التكنولوجيا. يرى وانغ أنّه بينما اهتمّت البلدان الغربيّة تاريخيّا بالفُتوح العلميّة وبالإنفاق على البحوث والتطوير (R&D)، فإن الصين في المقابل ركّزت استثمارها على إنشاء بيئة التصنيع (Manufacturing Ecosystem) التي تستند إلى قاعدة واسعة للغاية من العمالة التقنيّة الماهرة والشبكات الكثيفة من موردين المواد الخام والسلع الوسيطة، ناهيك عن الدعم الحكوميّ. يُجادل وانغ أنّ سياسة تعميم التصنيع هذه خلقت عمالة مُجربة ومعرفة عمليّة متوطّنة، وميزة هذه العمالة، بحسب الكاتب، هي أنها تستطيع التعايش فعليّا مع كل أنواع المهمّات التقنيّة في قطاعات متنوعة، وهي الميزة التي يفتقدها سوق العمل الأمريكي بشدّة. يعتقد وانغ أنّ السبب الرئيسي في افتقاد الولايات المتحدة لهذه الميزة يكمن في سياسات اللاتصنيع والاعتماد على الأسواق الآسيويّة للقيام بالأعمال الفيزيائيّة -أي خلق المُنتجات- خلال العقود الماضية، مقابل التركيز على الطرفين النهائيين للسلسلة الإنتاجيّة فقط، أي تصميم المنتج من جهة وتسويقه من جهة أخرى. ويقدّم وانغ حالة تكنولوجيا الطاقة الشمسيّة كنموذج، فبينما جرى وضع الأسس العلميّة لهذه التكنولوجيا على يد العلماء والمُبتكرين الأمريكيين كما يقول، فإنّ الصين هي التي استطاعت أن تتبوأ مكانة القوّة الأولى عالميّا في هذا المجال، وذلك لأن نظامها التصنيعي أتاح لها ببساطة أن تُنتج هذه التكنولوجيات بأسعارٍ تنافسيّة وبجودة وكفاءة أعلى. كنت قد نشرت في العدد الأول من النشرة مادة عن مشكلات توطين الصناعة في الولايات المتحدة الأمريكيّة من موقع "بلومبرغ". يُمكن قراءة المادتين معا لتكوين صورة أكثر وضوحا للتنافس بين البلدين في مجالات التصنيع والعقبات التي تواجههما في هذا المضمار.
    • مجلّة "صفر" أصدرت العدد الثالث مع تركيز خاص على مسألة الأجور والتضخّم في بلدان المنطقة العربية. وقد اخترتُ لكم منه مقال الاقتصادي الإنجليزي مايكل روبرتس، بترجمة عمر فتحي، بعنوان "التضخّم العالمي .. الأسباب والتداعيات"، والذي يُحلّل فيه روبرتس ظاهرة ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة حول العالم وفي المنطقة العربية بشكلٍ خاص، مستخلصا أن التضخّم الحالي ليس نتاج "الطلب المُفرط" (النظرية الكينزية) أو "الضخّ النقدي المُفرط" (النظرية النقدية)، بل هو نتيجة "صدمة العرض"، أي نقص الإنتاج وعدم تلبيته للطلب، والناجم عن انهيار سلاسل التوريد نتيجة تفشّي جائحة كورونا ثمّ الصراع بين روسيا وأوكرانيا، ولكن قبل ذلك عن التغير الهيكلي في الاقتصاديات الغربية نتيجة لنقص الربحيّة وبالتالي نقص الاستثمارات الإنتاجيّة.
    • في موقع المنصّة، تحليلٌ قصير لعمرو عادلي بعنوان "مصر وتركيا وباكستان .. هل يُنقذ الخليج العربيّ العالم؟"، يُسلّط فيه الضوء على سياسة السعوديّة بإيداع مبالغ دولاريّة كبيرة في البنوك المركزيّة لبعض بلدان منطقة الشرق الأوسط في إطار الحسابات الجيوبوليتيكيّة المرتبطة بمنطقة الخليج. يستخلص الكاتب بأنّ هذه الودائع لا تُعتبر حلا للمشكلات الاقتصاديّة للبلدان المُتلقية للودائع، لأنّها تُعتبر ضربا من التمويلات قصيرة الأجل التي تُعزّز من مشكلات التضخّم وتزيد الضغط على الاحتياطيّات النقديّة. ومن جهة أخرى، يُشير إلى أنّه بينما كانت المساعدات الخليجيّة تتجه تاريخيّا لبلدان الأطراف، فإنّ المكانة التي تتمتع بها دول الخليج في النظام المالي العالمي اليوم كبلدان تحظى بفوائض رأسمالية ضخمة قابلة للتصدير قد يجعلها مستقبلا في موقع المنُقذ المالي لبلدان المركز الرأسمالي نفسه.

ثقافة ومجتمع:

  • في موقع "خط 30"، مادّة مرئيّة وسمعيّة من إعداد وإخراج بيان حبيب، تروي قصّة واحة الأزرق في الأردن، عبر تتبّع حياة عائلة أبو جميل من بني معروف، والتي هاجرت إلى المنطقة من جبل العرب بالسويداء في أعقاب نهاية الحرب العالميّة الأولى. قصّة الواحة هي سيرة حوض جوفي كان يُعدّ من أهم وأغنى مناطق التنوع الحيوي في الأردن بفهوده المُرقطة وحميره الوحشيّة وقطعان المها السارحة فيه، قبل أن تُحوّله سياسات ضخّ المياه الجائرة والحفر العشوائي للآبار وغياب مشروعٍ حقيقيّ للتنمية المجتمعيّة إلى صحراء قاحلة تتناثر فيها المستنقعات.
  • لمُحبّي حواديت أهل الفن والسينما، بلال فضل يكتب مقالين بعنوان "ماهر وسعاد" في موقع "رصيف 22"، يروي فيهما جوانب من قصّة الحب التي جمعت بين سندريلا الشاشة العربيّة سعاد حسني وزوجها الأخير السيناريست المصري ماهر عوّاد، مع إطلالة على مشروعات وآمال سعاد للعودة للعمل الفني قبل أن يتغلّب عليها المرض وتغادر مصر في رحلتها الأخيرة إلى بلادٍ بعيدة باردة. المقال الأوّل من هُنا، والمقال الثاني من هُنا.
  • في "فايننشال تايمز"، تقرير موسّع عن صناعة السينما الأمريكيّة بعد الجائحة، وعن محاولات شركات الإنتاج إعادة الجمهور مُجدّدا إلى شباك التذاكر بعد صعود ظاهرة منصّات البثّ الرقميّة كـ "نيتفلكس" وغيرها، وعن كيف يغيّر هذا الشدّ والجذب بين قاعة السينما المُظلمة وغرفة الجلوس في المنزل من طبيعة الأفلام المُنتجة والميزانيّات المرصودة لها وأدوار البطولة فيها.
  • في موقع "جُمار" العراقي، يتتبّع إبراهيم الشاهد تاريخ الدينار العراقي منذ الزمن الملكي وحتّى اليوم، من خلال قصّة مواطن عراقي بسيط في موضوع بعنوان "ولد ملتصقا بالباوند وقهر الدولار لعقود"، مُلقيا الضوء على قصة أخرى حزينة من قصص بلاد الرافدين.


(Visited 421 times, 1 visits today)